في الذكرى الستين للنكبة المأتم العربي متواصل.
هناك احتفال بالعيد الستين لانشاء اسرائيل, وهنا تباك على النكبة الستين.
نكسة على نكسة, و«أيلول أسود» على «أيلول أسود», وبين النكبات والنكسات اجتياح بيروت وسقوط بغداد واحتلالات لا تنتهي للأرض والمقدسات.
التاريخ العربي الجديد متخم بالهزائم.
والهزيمة ليست فقط عسكرية, إنها هزيمة للوعي العربي والذي ما انفك ينتج العوامل نفسها التي تتوالد معها الهزائم.
مفردات النظام العربي الواحد لم تتبدل, والثقافة العربية مزيفة أو في معظمها مزيفة, وعملية تدجين الشعوب متواصلة على يد الأنظمة أو معظم هذه الأنظمة.
ولأننا لا نحسن قراءة التاريخ فإن تاريخنا يكرر نفسه.
لم نستوعب بعد دروس الخديعة الكبرى, ولم نؤسس لوعي جديد يضع قدراً جديداً.
نقاتل بعضنا بعضاً من المغرب حتى حدود ايران, لا من منطلق قومي, ولا من منطلق ايديولوجي, بل من منطلقات طائفية مذهبية عنصرية عشائرية, يغلب فيها العامل القبلي على ما عداه, في رأس الهرم كما في القاعدة.
والاستقواء بالأعداء خبزنا اليومي في زمن التسلط الدولي.
نحن نجلد أنفسنا بأنفسنا, ونرتمي في احضان أعدائنا, ونوقع معاهدات سلام واستسلام نسجلها على أنها انتصارات, وهي في الواقع فضائح تاريخية.
ستون عاماً مضت ونحن نلحس المبرد. وما كان يبدو مستحيلاً في أوطاننا صار نمط حياة.
الهزيمة تتكئ على الهزيمة, والانهيار الى الانهيار, والأمجاد لا تعنينا من قريب أو بعيد.
هل اننا ننتمي فعلاً الى القرن الحادي والعشرين, أم ان قاموس النكبة لا يزال منذ ستة عقود يحكم سلوكنا قادة وحكاماً وشعوباً, من دون أن نجرؤ على التأمل في واقعنا, ومن دون أن نفكر في الانتفاض عليه؟
ثلاثة أجيال ولدت خلال الأعوام الستين, ذبحنا فيها أكثر من ستين مرة, وانتهكت كراماتنا الوطنية وكرامتنا القومية مئات المرات, ولم نتبدل.
الـ 750 ألف فلسطيني الذين طردوا في العام 1948 صاروا خمسة ملايين, والمخيمات لا تزال تنتفخ, وبطون قادتنا وزعمائنا لا تزال تنتفخ, ونحن صابرون مقهورون.
كأنه يحق لاسرائيل أن تنشئ كياناً متفوقاً على أرض مغتصبة, ولا يحق لنا أن ننشئ دولاً محترمة على أرض آبائنا وأجدادنا.
أليس من حقنا بعد خمس حروب متتالية, أن نخوض حرباً واحدة نفرض فيها على اعدائنا شروط التفاوض؟
أليس من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش في ظل أدنى مقومات الحياة الكريمة, وأن ينأى بنفسه عن القتل العنصري اليومي؟
في الذكرى الستين للنكبة نشعر بالخجل حتى الوجع الكبير من أنفسنا ومن تاريخنا.
وعبثاً نحاول أن نتسوّل الكرامة.
نحن شعب بلا كرامة
النكبة الستون
by
Tags: