أريد ان استعير من زميل احترمه هو صبحي غندور سؤالاً طرحه قبل أسبوع: أين اللوبي العربي في أميركا؟
وأسارع الى الجواب الأول: إن العرب في أميركا اكثر من جالية واحدة، وأكثر من قبيلة واحدة ولا يشكلون قوة بالمعنى البنيوي. ثم انهم ثلاثة ملايين لا أكثر، أي أنهم يشكلون واحداً في المئة من عدد سكان الولايات المتحدة، وداخل هذا الواحد في المئة مئة تيار وتيار، فضلاً عن أنهم لم ينخرطوا حتى الآن في اطار تنظيمي واحد.
لهذه الأسباب كلها هم لا يشكلون قوة سياسية مؤثرة.
بخلاف العرب، اليهود في أميركا مواطنون أميركيون، مندمجون في المؤسسات الأميركية وليسوا مجرد مهاجرين (على الطريقة العربية). انهم جزء من البنية الاعلامية والاقتصادية والسياسية الأميركية، وليسوا اطرافاً متفرقة تنتمي الى اكثر من عشرين دولة. ثم ان اكثرية الجالية العربية من جذور مسيحية لا من جذور اسلامية.
وتبقى أجوبة أخرى يمكن التوقف عندها لعل أبرزها ان الجالية الاسلامية في أميركا، في معظمها من أصول غير عربية، وأن أميركا بالنسبة الى العرب المهاجرين هي «أرض جديدة» لم يتآلفوا معها حتى الآن، وقد دلت احداث 1192001 على أن الأميركيين لا يزالون ينظرون اليهم كمهاجرين من اصول عربية، لا كأميركيين في حالة انتماء كامل الى المجتمع الأميركي. المسألة هنا مسألة اندماج لم يتحقق حتى الآن.
من هنا، ربما، ورغم كل ما حققه «العرب الأميركيون» أو «الأميركيون العرب» في العقود الثلاثة الأخيرة من انجازات، لا يمكن النظر اليهم وكأنهم صوت مسموع في دوائر القرار الأميركي. انهم عاجزون، مثلاً، عن اقتحام الكونغرس الذي يفتح أبوابه للوبي الاسرائيلي، ويشكل «مربط خيل» اليهود الاميركيين منذ قيام اسرائيل.
بالأمس عاد نتنياهو من رحلته الاخيرة الى واشنطن مظفراً، وهي في النهاية رحلة الى «بيت الطاعة» الأميركي، تسلح خلالها بدعم أمراء اللوبي الاسرائيلي وقباطنة الكونغرس. والمفارقة ان اوباما الذي استقبله ببرودة، كان ممتعضاً من الانتصار الداخلي الذي حققه، عندما حاول الايقاع بين البيت الأبيض والأكثرية البرلمانية التي تدعم الرئاسة.
وبدا ان توازنا داخليا قد ولد في تضاعيف «العائلة الواحدة» الاسرائيلو- أميركية بين اوباما ونتنياهو: فالأول استطاع ان يقول للثاني انه هو ايضا لديه، مثله، حظوة في الكونغرس الاميركي. والثاني ابلغ بدوره انه قادر على خلق زوابع في واشنطن مقابل العواصف التي قد تثار ضده في تل أبيب.
وهذا التوازن قد يفسح في المجال أمام انهاء هذه الخناقة العائلية. والعودة بالعلاقات الاميركية- الاسرائيلية الى شهر العسل الدائم الذي تعيشه منذ ايام الرئيس ترومان في أربعينيات القرن العشرين.
وفي خضم معركة الحرب والسلام التي تتشارك فيها اسرائيل والولايات المتحدة على امتداد المنطقة، بدا أن العرب خارج اللعبة، وأن الذين يصنعون القرار داخل المؤسسات الاميركية يهود بقدر ما هم اميركيون، وأن قدرة «الايباك» على التأثير في صناعة هذا القرار تفوق احياناً قدرة الرؤساء الأميركيين انفسهم.
انه التحدي الكبير الذي يعيشه العرب في العقود الستة الأخيرة. كل القرارات الاميركية التي تتعلق بالشرق الاوسط اسرائيلية، وكل رئيس اميركي يفترض ان يكسب ثقة «الايباك» قبل ان يمارس سياساته الخارجية، وكل «مصالحة» أو مشروع مصالحة اميركية مع العالمين العربي والاسلامي وهم كبير حتى يثبت العكس.
أين العرب الأميركيون؟
بل أين العرب؟
الجواب الأول والأخير هو أنهم خارج دائرة القرار الأميركي حتى اشعار آخر.
أين اللوبي العربي؟
by
Tags: